أخبار التقنية

تفاصيل أول قاعدة بشرية خارج الأرض



لم تكن محطة الفضاء السوفيتية  “مير”، حدثا عابرا في تاريخ الفضاء، كانت بمثابة القاعدة البشرية المتكاملة الأولى خارج الأرض، وقدمت خدمات جليلة للعلماء في مختلف أنحاء الأرض، حسبما نقلت RT.


 


أطلقت محطة السلام “مير” السوفيتية كليا يوم 19 فبراير 1986 إلى الفضاء، حيث أمضت 15 عاما في المدار بدلا عن خمس سنوات كما كان مخطط لها في البداية، وفي عام 2001، أسقطت في المحيط الهادئ وأغرقت في الأعماق.


 


في فترة تشغيلها الذي تواصل 15 عاما، زارها 104 رواد فضاء ينتمون إلى 12 دولة، في إطار 28 رحلة استكشافية علمية. وفيها أجريت العديد من التجارب العلمية، وسجلت المحطة عدة أرقام قياسية.


 


 تم استكشاف الفضاء القريب من الأرض في الفترة من أواخر الخمسينيات إلى أوائل السيتينيات، بطريقتين منفصلتين في العادة بواسطة إطلاق المركبات الفضائية الآلية والرحلات المأهولة إلى المدار.


 


في تلك أثناء تواصلت رحلات رواد الفضاء بضعة أيام فقط، وجرى حساب معظم المعدات الموضوعة في المدار من خلال وزن أفراد الطاقم وأنظمة دعم الحياة.


 


الحاجة التي أملت بناء محطة “مير” الفضائية:


 


نقل المعدات العلمية الثمينة إلى الفضاء والعودة بها ليس بالأمر الرخيص، وتبعا لذلك تعذر في زمن الرحلات القصيرة إلى الفضاء إجراء تجارب واسعة بمشاركة مباشرة من العلماء في تلك المرحلة.


 


وجد العلماء حلا لهذه المشكلة بداية من السبعينيات بظهور المحطات المدارية السوفيتية ولاحقا الأمريكية.


 


كانت المحطات الفضائية الأولية أكثر اتساعا من سفن الفضاء المعتادة، ما سمح لرواد الفضاء بقضاء وقت أطول بكثير في الفضاء براحة أفضل مما كان الأمر عليه في السابق، إضافة إلى أنه أصبح من الممكن نقل المعدات اللازمة للتجارب إلى هذه المحطات من دون الانشغال بعودتها الفورية إلى الأرض.


 


أول محطة مدارية في العالم هي محطة “ساليوت -1″، أطلقها الاتحاد السوفيتي في أبريل 1971، أعقبتها سلسلة من المحطات الفضائية من هذا النوع، إلا أن الطلب على أبحاث الفضاء ازداد بوتيرة عالية ولم تعد المحطات المدارية المتوفرة قادرة على تلبيتها بالكامل.


 


اكتشف العلماء السوفييت الحل في عام 1976، حين بدأوا في تطوير مشروع محطة مدارية متعددة الوحدات. كان من المفترض أن تتكون من وحدة أساسية يكون بالإمكان توصيل وحدات إضافية بها، وبفضل عقد الإرساء، تم تصميم كل وحدة لتنفيذ برنامج محدد.


 


الطاقم الأول المكون من رائدي الفضاء، ليونيد كيزيم وفلاديمير سولوفيوف جرى إيصالهما إلى المحطة في 15 مارس 1985، فيما أوصلت أول وحدة إضافية “كفانت” مع المعدات الفيزيائية الفلكية إلى هناك في أبريل 1987، ونقلت إليها الوحدة “كفانت-2” في ديسمبر 1989.


 


في آخر سنوات الحقبة السوفيتية تمت في يونيو من عام 1990، إضافة وحدة “كريستال” لزراعة بلورات نقية خاصة، تلت ذلك فترة استراحة طويلة، وأوصلت بتلك المحطة الأسطورية الوحدات الجديدة “الطيف” و”الطبيعة” فقط في مايو 1995 وأبريل 1996، وكانت مهمتهما استكشاف الأرض، وليس الفضاء، كما كان يجري من قبل.


 


الوزن الإجمالي المحطة “السلام” السوفيتية في النهاية حوالي 122 طنا، فيما كان وزن المعدات العلمية على متنها حوالي 11 طنا!


 


هذا الوزن الكبير كان من المستحيل نقله في وقت واحد إلى المدار بواسطة أي صاروخ أرضي، فيما كان بالمستطاع فعل ذلك بنقلها متجزئة.


 


في المجموع، تم إجراء أكثر من 23 ألف تجربة علمية على متن المحطة الفضائية “مير” على مدار 15 عاما من عملها.


 


أرقام قياسية أحدها يعود إلى سوريا: 


 


تلك القاعدة الفضائية سجلت العديد من الأرقام القياسية العالمية، نذكر على سبيل المثال، الإقامة لمدة 437 يوما في الفضاء بين عامي  1994-1995 من قبل الروسي فاليري بولياكوف أو الإقامة لمدة 188 يوما لرائدة الفضاء الأمريكية شانون لوسيد، وهو رقم قياسي للنساء.


 


ومن السوابق الأخرى التي سجلتها محطة “مير”، رحلة محمد فارس، أول أجنبي إليها في عام 1987، وكان أيضا أول رائد فضاء سوري، وبعد 3 سنوات في عام 1990، أصبح تويوهيرو أكياما أول صحفي وأول ياباني يسافر إلى الفضاء.


 


انتهت مهمة محطة الفضاء المتكاملة الأولى في 3 مارس 2001، أسقطت من مدارها إلى الأرض، وغمرتها المياه في منطقة عميقة ومهجورة من المحيط الهادئ، لكنها بقيت ماثلة في القمة، شاهدة على الإنجازات السوفيتية والإنسانية الرائدة في الفضاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى